النفس اللوامه
النفس اللوامة هي التي تلوم نفسها عند التقصير، وتحاسبها عند الإخلال بالتكاليف والواجبات الشرعية أو عند الوقوع في الأخطاء والمعاصي، وهي التي أقسم بها الله سبحانه وتعالى في قوله: "أولآ أقسم بالنفس اللوامة " {سورة القيامة 2}
ولقد اختلف فيها كثير من أهل الحق ، فقال بعضهم هي لا تثبت على حال واحدة أي التي تتلون وتتقلب ولا تثبت على حالها، فهي تذكر الله كثيرا وتغفل عن الله قليلاً، وترضى وتعرض وتتلطف وتتكثف وتنيب وتحب، وتبغض وتفرح، وتحزن وتسر، وتغضب وتطيع، وتتقي وتفجر... وغير ذلك في كثير من حالات تلونها في الساعة والشهر والعالم والعمر.
وقالت طائفة من الأئمة، أن النفس اللوامة هي نفس المؤمن وأن هذا اللوم إنما من صفاته المجردة، ويقول الإمام حسن البصري في أدب الدنيا والدين. أن المؤمن لا تراه إلا ويلوم نفسه دائماً.
ويرى بعض الصوفية أن النفس اللوامة هي نفس المؤمن التي توقعه في الذنب، ثم هي في نفس الوقت التي تلومه على ما أقترف من ذنوب، ويعتبر اللوم هنا نوعاً من الإيمان، لأن الشقي لا يلوم نفسه على ذنب وإنما على العكس من ذلك إنما يلوم نفسه على فواته إذا ضاع منه.
وقالت طائفة أخرى بان اللوم يأتي من نفس الفاجر والمؤمن، والسعيد هو الذي يلوم نفسه على ارتكاب المعاصي، وترك الطاعات، والشقي هو الذي لا يلوم نفسه إلا على فوات حظها وهواها.
وذهبت فرقة أخرى بأن هذا اللوم إنما يقع يوم القيامة لقوله تعالى:
" لا أقسم بيوم القيامة ، ولا أقسم بالنفس اللوامة[" {سورة القيامة 1،2}
لأن كل إنسان في هذا اليوم يلوم نفسه على ما اقترفه من ذنوب في حياته، وعلى أي حال فإن هذه الأقوال جميعا حق وصدق، ولا تختلف بعضها مع بعض لأن النفس موصوفة بها في القرآن الكريم، وبهذه السمة سميت لوامة.
وفي تصورنا أن أشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة الله، وصبرت لوم اللائمين في سبيل الله ومرضاته، وهى النفس التي لا يأخذها في الحق لومة لائم. أما التي رضيت وسكنت عن أعمالها، ولم تلم نفسها فهي التي يلومها الله عز وجل، لأنها نفس لوامة ملومة، جاهلة ظالمة